السبت، 1 أكتوبر 2022

يوم الترجمة الأممي

 

لماذا الثلاثون من سبتمبر مخصص للترجمة؟




رسالة إلى المسلم في عيد جيروم أو ’يوم الترجمة الأممي‘

الـمـُـقـدّمـة

لم يعتقد الإسلامَ ذو عقلٍ إلا عَلِم أنّ العمل بعِلمِه يُعدّ مِن مُقتضيات الاستسلام والتسليم لخالقه، سبحانه وتعالى. والمـُفترَض أنّ المترجمَ، مِن أهل أيِّ مِلِّةٍ أو فكرٍ أو عقيدةٍ كان، العالِمَ بوعورة مسلكه المهنيّ وثقل العبء الذي على كاهِله، يعي ما يعيه مَن هُم على التُّخوم وما يكابده أهل الثغور؛ ولعله يكون رائدهم، والرائد لا يكذب أهله. فاستعنت بالله، عزّ وجلّ، في كتابة هذا المقال بلسان حال المسلم المترجم.

إنّ ما تعاقد عليه البشر فيما بينهم ممّا فيه صلاحهم أمرٌ محمودٌ في الجُملة. ومِن الجدير التذكير أو التقرير – حسب المـُخاطَب – أنّ المسلم يؤمن أنّ ربّ الخلق أعلم بما فيه صلاحهم، وإن اتّخذوا كتابه ظِهريّا أو جحدوه.

فالمترجم مطالبٌ شرعا – شأنه في ذلك شأن كل مسلمٍ في أيّ حقلٍ كان – أن يعبد الله، عزّ وجلّ، بتطبيق شرعه وبأن لا يُقدِّم على شرعه شيئا؛ وغنيٌ عن القول إنه لا يتحقق له ذلك إلا بالتفقّه فيه.

الـمُـنـاسـبـة

تخصيصُ يومٍ مِن قِبَل منظمةٍ أو دولةٍ أو جهةٍ ما ليكون مناسبةً أو احتفالا إنّما هو نشاطٌ ترمي إليه هذه المنظمة أو تلك الدولة لتحقيق أهدافٍ مُعيّنةٍ تتّسق مع سياستها ومنهاجها. وهذه المناهج والسياسات قد تتعارض، بطبيعة الحال، مع دين الأفراد والجماعات أو سياساتهم أو مناهجهم أو فكرهم أو عقائدهم.

Text #UN #Webpage #الأمم_المتحدة #الشعار_الرسمي #اليوم_الدولي_للترجمة #2021 #30/9 #9/30 #30 #ثلاثون #ثلاثين #سبتمبر #30_سبتمبر #أيلول #30_أيلول #patron #saint #patronsaint #patron-saint
مُسمّى اليوم حسب صفحته على الموقع الأممي الإلكتروني.

ومناسبةُ هذه المقدّمة احتفاءُ كثيرٍ من أهل الإسلام كل عامٍ – منذ العام 2017 الغريغوري – بما اعتمدته لديها الجمعية العامة التابعة للمنظمة الدولية المعروفة، الأمم المتحدة، ليكون الثلاثون من شهر أيلول/سبتمبر يوما دوليا للترجمة باسم "اليوم الدولي للترجمة"، وذلك "إشادةً بعمل المتخصصين في اللغة ..."، حسب تصريحها.

ولا أعلم سبب إصرار غالبية الإعلاميين، بل واللغويين بما فيهم المترجمين، على تسميته "اليوم العالمي للترجمة". فهذه إعادة صياغةٍ أو اختلاف ترجمة اسمٍ أو عنوانٍ وضعه صاحبه على نحوٍ مُعيّن. ولو جاز لي ما استجازه غيري لنفسه لوصفته باليوم "الأُمَمي"، نسبةً إلى كلمة: الأُمَم.

لـمـاذا الـثـلاثـون من أيـلـول/سـبـتـمـبـر؟

بهذا عَنوَنت الأمم المتحدة في صفحتها الإلكترونية للإعلان عن هذا اليوم. فبماذا أجابت؟

"30 أيلول/سبتمبر يحتفل بعيد القديس جيروم، مترجم الكتاب المقدس، الذي يعتبر شفيع المترجمين."

ثم تُورِد الصفحة شيئا من سيرته المقتضبة، وتختمها بما يلي:

"وتوفي جيروم بالقرب من بيت لحم في 30 أيلول/سبتمبر من عام 420."

لا يذكر الموقع مسقط رأسه، وكذلك تهمل ذكره أغلب المصادر، إلا إنه يُعتقد أنه وُلد في قريةٍ معروفةِ الاسم مجهولةِ المكان أو مُختلَفٍ في مكانها، إما في كرواتيا أو سلوفينيا الحاليتين أو غيرهما. كما أنّه يُعرف بعدّة أسماءٍ أخرى: "القديس إيرونيموس، القديس جيروم، القديس چيروم، هيرونيموس". وبالإنجليزية "Jerome, Hieronymus".

هـل هـذا مـقـالٌ عـقـديّ؟

لست هنا لتأصيل مسألة عقدية، فمِن المعلوم مِن الدّين بالضرورة أنّ المسلم – وأعني المترجمَ أول ما أعني – مأمورٌ بمخالفة الكفّار (وهي كلمة يعتقد بعضهم أنهم يتلطّفون بإحلال "غير المسلم" محلها. ولأنّ خطابي موجّهٌ إلى لُغويين أتوسّم أنّ معظمهم يفقه معناها الاصطلاحي الشرعي وأنه لا يُعدّ شتما، لذا لن أخوض في تسويغها).

قد يُشهَد لجيروم درايته في علمٍ ما، وربما يُشيد بجهوده مَن يُشيد. بيد أن يُصرَّح بأنّ هذا اليوم هو احتفالٌ بعيد ’قِدّيسٍ‘ فإنّ ذلك يُفضي بِمَن أسلم وجهه لله وهو مؤمنٌ إلى عرض هذه المسألة على أهل أشرف العلوم وهم علماء الشريعة وورثة عِلم الأنبياء، الذين حفظوا لنا علم الوحي، كي يُفتونا في حُكم المشاركة في هذا اليوم بجميع مراتبها. فعِبارة القوم لا مواربة فيها. فللقِدّيس عيدٌ أصلا – كما سيتبيّن للقارئ في هذا المقال. وقد قرّر مَن قرّر في هذه المنظمة – بمسلميها ربما وكافريها، سيّان – أن يُخصّصوا لمناشطهم، المتعلقة بدَور الترجمة وإسهامها في التواصل الحضاري إلخ، يوما هو يوم وفاته.

خُـلاصـة قـول أهـل الـعِـلـم *

"أعياد الكفار كثيرةٌ مختلفةٌ. وليس على المسلم أن يبحث عنها، ولا يعرفها. بل يكفيه أن يعرف في أيّ فعلٍ مِن الأفعال أو يومٍ أو مكانٍ أنّ سبب هذا الفعل أو تعظيم هذا المكان والزمان مِن جِهتهم. ولو لم يعرف أنّ سببه مِن جِهتهم، فيكفيه أن يعلم أنه لا أصلَ له في دين الإسلام، فإنه إذا لم يكن له أصل، فإما أن يكون قد أحدثه بعض الناس مِن تلقاء نفسه، أو يكون مأخوذا عنهم. فأقل أحواله أن يكون مِن البِدَع."

يوم الترجمة الأممي

  رسالة إلى المسلم في عيد جيروم أو ’يوم الترجمة الأممي‘ الـمـُـقـدّمـة لم يعتقد الإسلامَ ذو عقلٍ إلا عَلِم أنّ العمل بعِلمِه يُعدّ مِن مُقتض...